March 18, 2024 - بواسطة مشرف

حكم عن الخطأ الطبي وعناية الطبيب ومسئوليته ووثيقة التامين علي المرض

وحيث أنه عن موضوع الاستئناف رقم 2015 تجاري، وكانت المستأنف قد تمسكت بصحيفة استئنافه بأنها أجرت عملية تجميل لشد البطن بمعرفة المستأنف ضده الثالث التابع للمستأنف ضدهما الأول والثاني وبعد الجراحة أصيبت بآلام مزمنة وتشوهات بدنية لم تكن موجوده لديها من قبل ، فضلاً عن عدم حصول الطبيب على موافقته على إجراء حقن للدهون ب، فيتحقق بذلك مسئولية المستأنف ضدهم عن هذا الخطأ الموجب للتعويض عن الأضرار التي أصابتها من جراء ذلك ، غير أن الحكم المستأنف نفى عنهم هذه المسئولية مما يعيبه ويستوجب الغاءه.

وحيث إن هذا النعي سديد ، ذلك أن المقرر- أن العناية المطلوبة من الطبيب تقتضى أن يبذل لمريضه جهوداً صادقه يقظه تتفق – في غير الظروف الاستثنائية – مع الأصول المستقرة في علم الطب فيسأل الطبيب عن كل تقصير في مسلكة الطبي لا يقع من طبيب يقظ مستواه المهني وجد في نفس الظروف الخارجية التي أحاطت بالطبيب المسئول ، وجراح التجميل وإن كان كغيره من الأطباء لا يضمن نجاح العملية التي يجريها إلا أن العناية المطلوبة منه أكثر منها في أحوال الجراحات الأخرى ، باعتبار أن جراحة التجميل لا يقصد منها شفاء المريض من علة في جسده وإنما إصلاح تشوه لا يعرض حياته لأى خطر أو أكثر ، وأن العبرة ليست بوصف الخطأ أنه يسير أو جسيم ولكن بثبوته من وقائع واضحة تتنافى في ذاتها مع الأصول الطبية ، وأن تكون ثمة رابطة سببيه بين هذا الخطأ والضرر ، وكان لمحكمة الموضوع سلطة استخلاص توافر أو نفى الخطأ الموجب للمسئولية وتقدير التعويض الجابر للضررين المادي والأدبي متى قامت أسبابه ولم يكن في القانون نص يلزم باتباع معايير أو طرق معينه في خصوصه متى بينت عناصر الضرر ووجه أحقية طالب التعويض فيه ، ولها أن تقضى بالتعويض الكامل إذا ثبت أن الضرر المطلوب تعويضه قد استقر نهائياً ، كما أن لها تقدير الأدلة والأخذ بما تطمئن إليه منها واطراح ما عداه متى أقامت قضاءها على أسباب سائغة مستمده من الأوراق وتؤدى إلى النتيجة التي انتهت إليها ، ولها في حدود سلطتها التقديرية الأخذ بتقرير الخبير كله أو جزء منه متى اطمأنت إليه واقتنعت بصحة أسبابة لأن تقارير الخبراء لا تعدو أن تكون من عناصر الإثبات في الدعوى . لما كان ذلك، وكان الثابت من تقريري الطب الشرعي المقدمين أمام محكمة أول درجه أنه نتج عن الجراحة التي أجريت للمستأنفة ندبات جراحية نشطة على جانبي الجرح الأساسي بجدار البطن وانحراف السرة باتجاه اليسار مع تكيسات لدهون متكرزة بالثديين ، وأن حقن الدهون بالثديين ليس جزءاً أصيلاً من العملية فكان يجب اجراء الفحوصات الإشعاعية قبل حقنها لاستبعاد وجود أورام بها، وكان يجب على الطبيب المعالج أن يدون ذلك بوضوح في الموافقة الكتابية المأخوذة من المستأنفة وهو ما يعد تقصيراً منه لما يحب عليه اتباعه في مثل هذه الحالات ، وإذ كان ما لحق بالمستأنفة على هذا النحو كان مرتبطاً ارتباطاً وثيقاً بالجراحة التجميلية التي أجراها لها المستأنف ضده الثالث دون إحاطتها بتحديد المضاعفات المحتملة لها تحديداً دقيقا في جراحة غير ملحة بإقرار الموافقة المأخوذ منها الأمر الذي يوفر الخطأ قبله وبالتالي المستشفى والعيادة المستأنف ضدهما الأولى والثانية –التابع لهما – فيكون ملتزما معهما بتعويضها عن الأضرار المادية والأدبية التي لحقت بها من جراء ذلك وإذ تمثلت الأضرار المادية فيما أنفقته من تكاليف إجراء الجراحة والعلاج فضلاً عن الأضرار الأدبية المتمثلة في عدم حصولها على المرجو من اجراء تلك الجراحة التجميلية بل لحق بها تشوهاً على نحو ما سلف فألحق بها أذى نفسي وتقدر المحكمة مبلغ خمسة آلاف دينار تعويضاً لها عن تلك الأضرار المادية والأدبية ، وإذا خالف الحكم المستأنف هذا النظر المتقدم برفض الدعوى الأصلية فإن المحكمة تقضى بإلغائه وبالزام المستأنف ضدهم بالتضامم بأن يؤدوا إلى المستأنفة مبلغ خمسة آلاف دينار تعويضاً نهائياً عن الأضرار المادية والأدبية.

وحيث أنه عن طلب مقابل أتعاب المحاماة الفعلية عن درجتي التقاضي التي تمسكت بها المستأنفة، فإن المحكمة ترى من ظروف الدعوى تقدير مبلغ خمسمائة دينار عن تلك الأتعاب.

وحيث أنه عن الدعوى الفرعية المرفوعة من المستأنف ضده الأول –بصفته - ضد شركة بإلزامها بما عسى أن يحكم به عليه ، فإن المحكمة تمهد لقضائها بأنه لما كان الاستئناف بمقتضى أثره الناقل ينقل الدعوى في حدود ما رفع عنه الاستئناف إلى محكمة ثاني درجه بما سبق أن أبداه المستأنف ضده من دفوع وأوجه دفاع أمام محكمة أول درجة وتعتبر هذه وتلك مطروحة على محكمة ثاني درجه للفصل فيها بمجرد رفع الاستئناف ولو لم يتمسك بها أو يرفع عنها استئنافاً فرعياً ما دام لم يتنازل عنها صراحة أو ضمناً وكان قد أغناه عن الاستئناف صدور الحكم في الدعوى لصالحة، وكان المستأنف ضده الأول بصفته قد أقام دعواه الفرعية المشار إليها وإذ قضى برفض الدعوى الأصلية المرفوعة ضده وهو ما أغناه عن استئناف دعواه الفرعية إلا أنه لم يثبت تنازله صراحة أو ضمناً عنها الأمر الذى تكون معه هذه الدعوى مطروحة ويتعين التصدي للفصل فيها.

وحيث أنه عن موضوع الدعوى الفرعية، فإنه لما كان من المقرر – أن نطاق ضمان المؤمن إنما يتحدد بالحدود التي تنص عليها وثيقة التأمين وبما ينعقد الاتفاق عليه فيها، وأن تحديد هذا النطاق وتفسير العقود والمحررات هو من مسائل الواقع التي تستقل بها محكمة الموضوع بغير معقب متى أقامت قضاءها على أسباب سائغة لها معينها الصحيح من الأوراق ومن شانها أن تؤدي إلى النتيجة التي انتهت إليها. وكان الثابت من البند العاشر من الاستثناءات الواردة بصورة وثيقة التأمين المقدمة من المستأنف ضده الأول بصفته بتاريخ أمام محكمة أول درجه والمحررة بينه وبين شركة الخ أنه أخرج الجراحات التجميلية من نطاق التأمين بموجب تلك الوثيقة عدا ما تقتضيه الضرورة في أعقاب حادثة أو لعلاج تشوه خلقي ، وإذ كانت الجراحة محل التداعي هي جراحة تجميلية وخلت الأوراق من أنها أجريت لضرورة علاجية لتشوه ناتج عن حادث أو تشوه خلقي الأمر الذي تخرج معه عن نطاق ضمان المؤمن ، وتكون الدعوى الفرعية على غير أساس مما يتعين رفضها.